تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

التكوين وتحسين الخبرة أثناء الخدمة ودورهما في تحسين أداء الموظفين

arton333

يعتبر التكوين أهم عامل للنهوض بالعنصر البشري ومقياسا لمدى تدرج الفرد داخل المؤسسة والمجتمع، وخيارا لرفع التحدي ومسايرة التقدم التكنولوجي وتعميم الثقافات المهنية الجديدة ومن أهمها الثقافة الرقمية وذلك عبر الرفع من كفاءة الموظفين ومهاراتهم حتى تتمكن المؤسسة من تنمية مردودها والمحافظة على جودة خدماتها من جهة، ومن جهة أخرى منح فرص للموظفين تمكنهم من تحسين مستواهم العلمي والمهني مما يؤهلهم للترقيات المهنية والاجتماعية، من أجل الوصول إلى المستوى المرغوب من الاستقرار والفعالية، لذا نجد المؤسسة تولي اهتماما بالغا بعناصر تحسين أداء الموظفين ومن بينها التكوين أثناء الخدمة، وذاك بوضع برامج خاصة وتنفيذها من طرف أساتذة ذوي خبرة ومختصين في مجال التكوين حتى يتسنى الحصول على موظفين لهم الصفات الإيجابية المرجوة وذوي مهارات عالية.
فموريتانيا على غرار مختلف دول العالم المدركة لاستمرارية التطورات البشرية والمدركة لضرورة استمرارية تطوير أداء الموظف الذي يجسد تطوير أداء المرفق العام، حتى يصبح قادرا على مواكبة هذه التطورات البشرية، اخذت في الحسبان عند اصلاح منظومتها للوظيفة العمومية، من خلال المصادقة على القانون رقم 93/09 الصادر بتاريخ 18/01/1993، المتضمن النظام العام للموظفين والوكلاء العقدويين للدولة، أهمية التكوين وتحسين الخبرة وذلك من خلال المادة 19 من القانون المذكور التي تجعل التكوين وتحسين الخبرة حق من حقوق الموظف ومن خلال المادة 11 من نفس القانون التي تجعل التكوين وتحسين الخبرة الزاميا إذا ما ذكر ذلك في النصوص الخاصة المسيرة لمختلف اسلاك الموظفين؛
كما أن كل النصوص الخاصة المطبقة على مختلف أسلاك الموظفين تشتمل على مادة تلزم الموظفين الخاضعين لهذه الاسلاك بالقيام بالتكوينات وتحسينات الخبرة؛
ولقد تم تجسيد مبدأ مواكبة التطورات العلمية والتكنلوجية من خلال صدور المرسوم رقم 97/ 35 /و أ الصادر بتاريخ 14/ 04/ 1997 المحدد لشروط التكوين المستمر للموظفين والوكلاء العقدويين للدولة الذي جسد لامركزية التكوين وتحسين الخبرة من خلال المادة 5 التي اوكلت مهمة اعداد مخططات التكوين وتحسين الخبرة للموظفين للقطاعات الوزارية المسيرة كل في ميدانه وذلك لأن كل قطاع وزاري أدرى بالمستجدات العلمية والتكنولوجية في ميدان نشاطه؛
غير أنه وللأسف الشديد منذ صدور المرسوم 97/35 المذكور أعلاه لم ينجز أو لم ينفذ مخطط تكويني واحد لأي قطاع وزاري؛
الامر الذي جعل وزارة الوظيفة العمومية والعمل وعصرنة الادارة تنبه من خلال العديد من رسائل التعميم الى ضرورة العمل بمخططات التكوين وتحسين الخبرة كأداة لتفعيل التكوين وتحسين الخبرة، وكان من ضمن رسائل التعميم هذه الرسالة رقم 13/ و و ع ع ع إ بتاريخ 20/08/2015 التي تم من خلالها توضيح كيفية اعداد مخططات التكوين وتحسين الخبرة وكيفية تنفيذها، ورغم ذلك لم ينجز أي مخطط للتكوين من أي قطاع وزاري حتى الآن باستثناء مشروع مخطط للتكوين وتحسين الخبرة هو قيد الانجاز من طرف وزارة الصحة.
واليوم وبعد تفعيل النصوص المطبقة للقانون 93/09 المذكور أعلاه، وذلك من خلال تجسيد هذا التفعيل في إعادة تصنيف جميع الموظفين العموميين للدولة، حسب النصوص الجديدة، الذي تم اعتبارا من 01/06/2016؛ وبعد انشاء سلك لمسيري المصادر البشرية للدولة، فإنه أصبح من الضروري تفعيل العمل بالنصوص المنظمة للتكوين وتحسين الخبرة.
وفي الختام فإنه إذا ما تصورنا بقاء الامر على ما هو عليه لسنوات قليلة قادمة من عدم تفعيل التكوين وتحسين الخبرة مع استمرار تقاعد الموظفين ذوي الخبرات وظهور المزيد من التطورات العلمية والادارية، فإن الوظيفة العمومية ستعاني كثيرا وسيعاني أداء الدولة بمعاناتها، نرجو الله السداد وأن يحفظ موريتانيا مزدهرة ومرفهة.